غيبة
عم جوليد
عاش عم جوليد بمفرده في تلك الحارة؛ مؤتنساً
بسكانها، الذين لم يجهدوا أنفسهم في البحث عن أصل هذا الرجل شديد السمرة اللامعة،
و الذى يظهر بينهم أياماً و يختفى أياماً؛ حتى صار حضوره و غيابه مضرباً للأمثال...
أثارت غيبته الأخيرة حفيظة جيرانه، و تحول همس
السؤال إلى ضجيج؛ فقسموا أنفسهم إلى مجموعات؛ مهمتها البحث عن عم جوليد في سائر
الأنحاء...
في الساحة الخربة؛ حيث تلال القمامة مكدسة؛
كانت هناك رأس كهل تطل من بينها، و قد نهشتها الطيور الجارحة فتاهت معالمها، إلا أن
بقايا جلده الأسمر دلت عليه...
استأذنوا السلطات المختصة في دخول داره؛
ليحولوها إلى مقر لجمعية خيرية؛ فوجدوا أوراقه الثبوتية.
نعاه أهل الحارة في جريدة شهيرة باسمه
الكامل؛ و أدهشهم حضور أحد الدبلوماسيين من دولة إفريقية؛ معلناً أن (جوليد عز
الدين كومار) هو شقيقه الأكبر الذي أعياه البحث عنه لسنوات، و لم يتوصل إليه إلا
بعد أن غادر الحياة.