السكرتيرة
الملعونة!
في تمام الساعة السابعة صباحاً؛ استيقظ الزوج
مكفهر الوجه:
ـ لماذا لم توقظي ابنتنا حتى الآن يا ست
هانم؟!
ـ أيقظتها مبكراً و هي في غرفتها ترتدي ملابسها المدرسية... ماذا بك ياحبيبى؟! خير؟!
ـ خير؟!... الذي يرى وجوهكم كيف له أن يرى
خيراً؟!
دققت سلوى النظر في وجهه، ثم نظرت إلى وجهها
في المرآة؛ فابتسمت ابتسامة لها معنى، و همست بينها و بين نفسها:
ـ ليس غيرها؛ تلك السكرتيرة الجديدة، التي عينها بعد خروج الأستاذ صبحى للمعاش، لابد أنها لفتته عني برموشها و مساحيقها
الصناعية، و...
ثم أطلقت لخيالها العنان؛ الذي صور لها مشهد
دخولها إليه بمكتبه حاملة أوراق (البوستة)، و هو يلقى بالأوراق بعيداً و يدعوها لكي يلصق طابع بريد غرامى على ثغرها... تعمقت أكثر في تخيلاتها؛ إلى أن قطعت عليها
ابنتها هدى شيطان تفكيرها:
ـ أين طعام الإفطار يا أمي... لقد تأخرت...
ـ حاضر... حاضر يا حبيبتي، كل شىء جاهز،
و سندوتشاتك وضعتها في الحقيبة...
ـ شكراً يا أحلى أم فى الدنيا
فقبلتها و هي تهمس في سرها:
ـ ربنا يخليكي لىَّ يا هدى؛ فأنتي التى
تصبرني على أحوال والدك الملخبطة...
لم يلبث أن خرج الأستاذ قرنقوطى، و قبل أن
يصفق الباب بشدة كما اعتاد مؤخراً؛ بادرته متهكمة:
ـ مع السلامة ياحبيبى... بلغ تحياتى للست
السكرتيرة الجديدة التي شقلبت حياتك، و جعلتك لا تطيق النظر إلى وجوهنا!
فعاد إليها من فوره متعجباً مما قالت:
ـ أي سكرتيرة أيتها المجنونة؟!... ألم تعلمي أنى قد أُحلت للتقاعد منذ عام؟!... و أن جلوسى مع رفقائى بالمقهى هو سلواي الوحيدة...
ـ سلواك الوحيدة؟!
ـ معذرة يا سلوى ياحبيبتي... فأنتِ لستِ مجرد سلوى؛ أنتِ أملي و أمنياتي و عمري، أنتِ
حياتي كلها...
شعرت بعودة الروح إليها:
ـ الحمد لله؛ أشرقت الشمس من جديد، بعد عام
على غيابها.