بين
الأدغال
عدت من بلاد العجائب حاملاً نظارة سحرية؛
تُمكن الناظر من رؤية الكائنات على هيئة حيوانية...
اصطحبت أبنائى القرود، و أجلست أمهم في الدار
أو إن شئت على غصن شجرة؛ بعد أن بدت لي صورتها الأنثوية؛ كزوجة لأسد بلا أنياب، أو
قط بلا مخالب، أو قرد بلا ذيل...
انطلقنا بسيارة بدت كسلحفاه، فتجاورنا بين
أدغال الطريق الكثيفة و دوشته؛ مع رغاء جمال، و نهيق حمير، و ثغاء أغنام، و زمار نعام،
و نهيم أفيال، و سليل غزال...
بعد عدة أمتار أو بالأحرى سنتيمترات؛
استوقفنا صفير نسر... فنخت إبل، و صهلت أحصنة... و قفز الأولاد على ظهور الدواب
المجاورة، و راحوا يلعبون ويتشقلبون...
طال الانتظار؛ فشغلت نفسي بإدارة البوق؛ فخرج
منه نعيق غراب، و عرير صرصور؛ أدرت المحطة؛ فتهادى إلى مسامعى تغريد بلبل، و عندلة
عندليب...
أخذت أدندن باستمتاع، دون أن أنتبه إلى فتح
الطريق، و عودة القرود الأتباع... فما كان من الفيل إلا أن سحب سلحفتنا بهلب زلومته
إلى حديقة الحيوانات...
خلعت نظارتى الملعونة، و سددت قيمة المخالفة،
و احتضنت أولادي، و كأنى عائد من رحلة محفوفة بالمخاطر بين أدغال الحياة.